الرياضة… واحدة من أدوات بناء السلام

أعلنت الأمم المتحدة عام 2013، السادس من نيسان/أبريل يوما دوليا للرياضة من أجل التنمية والسلام. حيث كانت العديد من المنظمات المدنية قد اعتمدت الرياضة كواحدةٍ من أدوات بناء السلام، لما تلعبه من دورٍ فاعل في خلق الشعور بالتفاهم. وهو ما يمهد لتجاوز تحزبات النزاعات أو حالات ما بعد العنف، والتي تتجذر في السلوك اليومي، وبالتالي في الذاكرة الجمعية.

“السلام” عمليةٌ طويلةٌ تحتاج إلى بناءٍ مستدام، عبر آلياتٍ وبرامجَ واضحةٍ تعزز قضايا تعميق الثقة، والتقبّل، والتعاون، والدمج، والاحترام، وتحمل المسؤولية. تتصدر المساهمة بها منظمات المجتمع المدني، فهي التي ترصد الاحتياجات وواقع المجتمعات وتخطط التدخلات المناسبة. الأمر الذي أصبح أولويةً في ظل ارتفاع وتيرة النزاعات. 

يوم دولي للرياضة

أعلنت الأمم المتحدة عام 2013، السادس من نيسان/أبريل يوما دوليا للرياضة من أجل التنمية والسلام. حيث كانت العديد من المنظمات المدنية قد اعتمدت الرياضة كواحدةٍ من أدوات بناء السلام، لما تلعبه من دورٍ فاعل في خلق الشعور بالتفاهم. وهو ما يمهد لتجاوز تحزبات النزاعات أو حالات ما بعد العنف، والتي تتجذر في السلوك اليومي، وبالتالي في الذاكرة الجمعية.

وتقول السيدة أمينة محمد، نائب الأمين العام للأمم المتحدة: “توفق الرياضة بين شغفنا وطاقتنا وحماسنا حول قضية جماعية. وهذا بالضبط هو الوقت الذي يمكن فيه رعاية الأمل واستعادة الثقة. ومن مصلحتنا الجماعية تسخير القوة الهائلة للرياضة للمساعدة في بناء مستقبلٍ أفضل وأكثر استدامة للجميع”.

وترى الأمم المتحدة أن الرياضة تحث على التنمية الفردية، وتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض. وتعزيز المساواة بين الجنسين، والتكامل الاجتماعي وتنمية رأس المال الاجتماعي. وبناء السلام ومنع النزاعات وحلها، والإغاثة بعد الكوارث والصدمات وتطبيع الحياة، والنمو الاقتصادي، والتواصل والتعبئة الاجتماعية.

وقد دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراراها 296/67: الدول ومنظومة الأمم المتحدة بخاصة مكتب الأمم المتحدة المعني بتسخير الرياضة لأغراض التنمية والسلام، والمنظمات الدولية المختصة، والمنظمات الرياضية الدولية والإقليمية والوطنية والمجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص وجميع الجهات المعنية الأخرى، إلى التعاون والاحتفال باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام والتوعية به”.

الرياضة من أجل السلام

من جهتها ترى منظمة “أجيال بناء السلام” أن: “لبرامج الرياضة من أجل السلام دوراً مهماً في توفير فرصةٍ للمجموعات المتعارضة من أجل الالتقاء في مساحة آمنة، مع قواعد ومدوّنات سلوك محددة مسبقاً. كما أن التواصل الاجتماعي يساعد الأطفال والشباب، في التغلب على الصور السلبية والصور النمطية التي تشكلت عن أولئك الذين لديهم قدراتٌ وأديان وخلفياتٌ مختلفة لتحقيق القبول والتسامح”.

ومن المهم أن يتم إعداد تلك البرامج الرياضية من أجل السلام، انطلاقاً من التوجهات المجتمعية من حيث الاهتمام. كأن تكون موائمةً للبيئة والثقافة المحلية، ساعيةً إلى بناء الثقة والتقبل، وتعميم الاحترام المتبادل، والاندماج ومعرفة الأخر، مما يساعد في إزالة الحواجز المصطنعة. 

وكلما كانت الأنشطة الرياضية الهادفة لبناء السلام محليةً على مستوى مدينةٍ أو حيٍّ أو بلدة، كانت أكثر فاعليةً. وهنا يجب الانتباه إلى أن الأنشطة لا تكون تنافسيةً سلبية، أو تعتمد قاعدة رابح خاسر، بل تكون أنشطة تعلّم فاعلٍ بين الأقران. تكسبهم مهارات التعاون والاندماج وخلق أهدافٍ مشتركة، ما ينعكس على تغيير مواقفهم وسلوكهم.

ولا يعتمد تنفيذ الأنشطة الرياضية الهادفة إلى بناء السلام، على مدربين رياضيين مختصين. بل على ميسرين قادرين على تيسير الأنشطة، في ظل خلق مساحةٍ آمنة تضمن مشاركة الجميع. على أن يبقى ميسر النشاط على مسافةٍ واحدةٍ من الجميع، دون أي تمييز. 

لماذا الرياضة من أجل السلام

تجيب منظمة “أجيال السلام” على سؤال لماذا الرياضة من أجل السلام؟ بأن الرياضة لديها شعبيةٌ عالميةٌ. ففي كل ثقافةٍ هناك نوعٌ ما من الأنشطة الرياضية يحوز على جماهيرية مجتمعية. وهذا لا يقتضي وجود رمز رياضي محدد، بل يجب تحديد النشاط الرياضي من فهمٍ معمقٍ للمجتمع، ما يشكل مدخلاً لإشراك أفراد المجتمع بالعملية.

والرياضة مشترك عالمي، تتجاوز اللغةَ المتحدث بها، والثقافات المجتمعية. حيث غالباً ما تكون القواعد الرياضية معروفةً من قبل الغالبية ومتوافقاً عليها. وتحمل المشاركةُ الإثارة وتفجير الطاقات، ليتم توجيهها لتعزيز التعاون والعمل الجماعي لتحقيق الأهداف المحددة.

وتشكل الرياضة فرصةً لمنح المشاركين مجالاً لتشارك الخبرات وإلهامهم بأفكار جديدة. كما تمنح القواعد المتوافق عليها مساحةً آمنةً للتفاعل، عبر اللقاء والتواصل والتعارف وبناء العلاقات، بشكل محايد عن الصراعات. الأمر الذي يساهم بكسر الصور النمطية التي يتم تكوينها عبر الذهنية الجماعية، من خلال الخبرات المكتسبة والمبنية على التفاهم والتسامح والثقة. 

وتسمح الأنشطة الرياضية بخلق “مجموعات الأقران”، حيث يجتمع أفرادٌ من نفس العمر. وبالتالي قد يتشاركون الشغف، وبناء علاقةٍ مميزةٍ مع ميسري النشاطات، متمايزةٍ عن العلاقات الاجتماعية التقليدية. الأمر الذي يفتح مساحاتٍ غير تقليدية للحوار، تعزز آليات التعلم والتفكير ما ينعكس على تغيير المواقف والسلوك.

وتتيح الأنشطة الرياضية رفع الوعي بقضايا الصحة واللياقة البدنية. ورفع مستوى المسؤولية واحترام الوقت والقواعد، وامتلاك المرونة والقدرة التعامل مع الهزائم والنكسات.

وفي ظل ضعف التمويل، تعتبر الأنشطة الرياضية الشعبية ذات تكاليف منخفضة، من حيث الموارد المطلوبة لتنفيذ الأنشطة، الأمر الذي يسمح بالوصول إلى عدد أكبر من المستهدفين. كما يمكن الحصول على الدعم من قبل أصحاب المصلحة.

يشار إلى أن الرياضة من أجل السلام واحدةٌ من عدة أدوات لبناء السلام، والتي تم تطويرها من قبل منظمات المجتمع المدني. وإن كانت تتفاوت إمكانية العمل على تلك الأدوات، إلّا أنها عصارة معرفةٍ مدنيةٍ تسعى لبناء السلام. الأمر الذي يسمح لكل المهتمين بالعمل على مقاربتها من واقع مجتمعاتهم، والعمل على بناء تجاربهم الخاصة. 

وسيعمل موقع أرضية مشتركة على نشر العديد من أدوات بناء السلام المعتمدة من المنظمات المدنية. 

فريق التحرير

اقرأ أيضاً: خارطة سوريا الموسيقية.. مشروع أوسع من الحدود الجغرافية والسياسية