أطلقت “حركة البناء الوطني” ضمن برنامج الأربعاء السوري، وهو برنامج حواري سوري سوري. سلسلة حواراتٍ حول التعافي السوري بمداخل سبعة رئيسية. ومشاركة عددٍ من الناشطين المدنيين السوريين من مختلف الجغرافيات السورية والخارج، فيزيائياً في مقرها بدمشق أو عبر الإنترنيت.
وقالت الحركة، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: إن المشاركين عملوا في الجلسة على تثبيت رؤيةٍ تكاملية لملفات التعافي باعتباره حالةً مترابطة، تشمل السوريين في الجغرافيات المختلفة وفي الخارج. وقدرة المجتمع المدني على حمل هذه الملفات والمناصرة عليها وأدواره فيها. بما في ذلك تأثير السوريين في الخارج، والتي يمكن أن تؤثر على مداخل التعافي السورية. وضرورة توصيف بيئته الآمنة، خاصةً أن المفهوم يثير إشكالية لدى البعض مع صعوبة الفصل بين العمل التقني، والجهد السياسي المطلوب في هذه المرحلة.
قطاعات التعافي
كانت الحركة قد دعت إلى المشاركة في الجلسة السبعين من برنامج الأربعاء السوري. استكمالاً لمسار التعافي الذي أطلقته بداية العام عبر برنامج وين الدور، بعنوان “إطلاق سلسلة التعافي السوري“. حيث تم التوصل عبر ذلك البرنامج إلى التركيز على أربعة قطاعات للتعافي وهي:
- إطار المساعدات الإنسانية.
- النمو الاقتصادي والتنمية.
- بناء السلام والأمن البشري.
- نموذج الحكم وبناء الدولة.
مداخل التعافي
عقب ذلك قامت الحركة بتحليل استجابة كارثة الزلزال المؤلمة في سلسلةٍ استثنائيةٍ من جلسات الأربعاء السوري. ثم انتقلت إلى الخطوة الثالثة وهي عرض هذه المحاور للرأي العام وإشراك المهتمين والراغبين في مشاوراتٍ موسعةٍ حول هذه الرؤية، عن طريق استمارة أطلقتها في 14 حزيران. لتتبلور محاور سبعة كمداخل تصل إلى التعافي، وتبنى موضوعاتها لتصب في القطاعات سالفة الذكر، وفق الآتي:
أولاً: توسيع آثار مراسيم العفو؛ والقضايا المرتبطة به، كالكشف عن مصير المفقودين والمختطفين والمعتقلين. وربط المتابعات الأمنية بالأجهزة القضائية، إضافةً إلى الإصلاحات القضائية المرجوة.
ثانياً: تسريع عودة اللاجئين والنازحين؛ إتاحة عودة اللاجئين والنازحين، والعمل على دمجهم في مجتمعاتهم المحلية.
ثالثاً: الوثائق الشخصية، من خلال تفعيل دور المؤسسات في إتاحة وحل المعضلات المتعلقة بوثائق الأحوال الشخصية، ووثائق الملكية مع رفع الحجز عن الأملاك واستعادة المصادرة منها.
رابعاً: توفير البنية التحتية المرتبطة بتحريك الحياة الاقتصادية على مستوى الخدمات الأساسية. من صحة وتربية وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وصيغة العلاقة مع القطاع الخاص.
خامساً: اللامركزية الإدارية؛ من حيث شكلها وأبعادها ونموذجها. لتفعيل دور الإدارة المحلية في هذه المرحلة، وبلورة الصلاحيات التي يمكن نقلها حالياً للمحليات ضمن الخطة الوطنية للامركزية الإدارية، بما يسهم بدعم فرص الانتقال للتنمية.
سادساً: دور المجتمع المدني، خلال مرحلة التعافي عبر التركيز على تفعيل المساحات المدنية. بما يدعم فرص التعامل مع التحديات المتعلقة بالأدوار والشراكات والجهات المانحة لتلبية الاحتياجات الوطنية والمحلية، وإشراك الشباب والنساء.
سابعاً: الحوار الوطني؛ من حيث تحديد أطرافه والضمانات المطلوبة من كل هذه الأطراف. وموضوعاته المرحلية، وخطواته الزمنية، وتيسيره، ورعايته، ودور المجتمع المدني فيه كوسيط محتمل.
وقد تم خلال الجلسة عرض رؤية التعافي والمحاور السبعة، ومناقشة موضوعاتها الفرعية، والتوافق عليها. بحيث تشكل عناوين للسلسلة القادمة، والتي ستمتد حتى نهاية العام، حيث سيتم عرض مخرجاتها في لقاءٍ موسع بدمشق.
مفقودون ووثائق
طرح المشاركون حول محور المفقودين ضرورة التركيز على إنسانية الملف، وأهمية توافر البيانات الضرورية له، مع التأكيد على ضرورة التخفيف عن أهالي المفقودين. وإمكانية تفعيل مفاعيل مراسيم العفو الصادرة لإنهاء ملف المتابعات الأمنية وإذاعات البحث الشرطية، والحذر من تحويله لفخٍ ينسف المسار بأكمله.
ولفت الحضور إلى أن محور الوثائق الرسمية هاجسٌ لكل سوريٍّ بغض النظر عن الموقع الجغرافي. ما يطرح ضرورة التفكير بآليات له في مقدمتها إمكانية وجود نافذة واحدة لتقديم الوثائق في كل منطقةٍ جغرافية.
تعافي اقتصادي
رأى الحضور أن محور التعافي الاقتصادي يمكن أن يكون من أهم المداخل، خاصةً عند الحديث عن إمكانية ربط المناطق مع بعضها. وهنا يبدو من المهم ضرورة تقييم مرحلة الإغاثة، وضرورة توفير المساعدات لكل المناطق دون تمييزٍ حسب الأولويات المحلية. وأن التعافي السوري بحاجة لبحث خدمات البنى التحتية اللازمة وفي مقدمتها التعليم والصحة وبدائل الطاقة، إلى جانب الإجراءات القانونية والإدارية المطلوبة خلال هذه المرحلة، وكذلك توسيع آثار الإعفاءات من العقوبات المفروضة على السوريين.
عودة اللاجئين
تناول الحديث في محور عودة اللاجئين والمهجرين، إمكانية تنفيذه وفق مراحل تبدأ بعودة نازحي الداخل ثم اللاجئين في دول الجوار. والعمل على تقديم نموذج لبيئة آمنة للعودة في مناطق حساسة، وفق معايير شفافة، بما يشجع على العودة لكل المناطق دون تمييز مع ما يتطلبه الأمر من برامج للاندماج الاجتماعي. لاسيما في ظل الاستقطاب والتنوع الهوياتي في المحليات.
لامركزية ودور مدني
وحول محاور اللامركزية والدور المدني والحوار الوطني، أشار الحضور إلى أن اللامركزية سبيلٌ لتوحيد البلاد جغرافياً وسياسياً وليس لتقسيمها. مع الحذر من عدم اعتبارها باباً لتحميل مشاكل المركز للمحليات، وهذا يتطلب التركيز على مرونة خطوط التماس بين الجغرافيات المختلفة عبر تقريب نماذج الحوكمة فيما بينها وتسهيل التبادل التجاري بين المناطق وعبور الأشخاص.
وحظي الدور المدني بنقاش واسع باعتباره من أهم الفواعل التي تلعب دور الوسيط ويمكن أن تحظى بثقة بين الأطراف في كل مداخل التعافي، وناقش المشاركون مدى قدرته على التعبير عن المجتمع.
حوار وطني
شدد المشاركون على أهمية محور الحوار الوطني محذرين من خطر تقزيمه أو عدم الجدية في طرحه وضرورة بنائه وفق منهجية محددة على أرضية تنطلق من أوراق عمل واضحة. وبمشاركة جميع الأطراف وضرورة الاعتراف المتبادل بينهم وقبولهم بمخرجاته. معتبرين أن مداخل قضايا التعافي المطروحة في الجلسة، يمكن أن تشكل مداخل لهذا الحوار الذي سيكون مقدمةً للحل السياسي في ذات الوقت. مع الحذر بأن انتظار الحل السياسي قد يحمل نوعاً من الهروب من المسؤولية ومخاطر استمرار تصدير العطالة.
وفي نهاية الجلسة شدد الحضور على عدم تحميل التعافي أكثر مما يحتمل. وأن المحاور السبعة لم تختبر بعد وفق الحالة السورية، مع ضرورة عدم تقزيم المشكلة بحلول مؤقتة. مشيرين لأهمية الوصول إلى أداة تحليل ممكنة لقياس تقدم محاور التعافي السوري السبعة المطروحة. تأخذ بالاعتبار تغذية مولدات البيئة الآمنة لخفض مولدات مجتمع المخاطر.
للاستماع إلى الجلسة كاملة يمكن متابعة البث المباشر المسجل عبر صفحة الحركة:
إقرأ المزيد:
فريق التحرير