المشاركة السياسية هي من أسس الدولة الحديثة بروائزها المواطنة والديمقراطية وتعميق مبدأ سيادة الشعب، والتي تقتضي امتلاك أفراد المجتمع شعوراً بالانتماء واهتماماً بالشأن العام. ومن أهم ملامح الدول النشطة مشاركة الشباب السياسية، لما يشكلون من طاقةٍ كبيرة، ودماءٍ جديدة تضخّ ضمن أروقة العمل العام.
وتشيخ الأنظمة السياسية مع عزوف الشباب عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية. حيث تغيب عن السياسات الرؤى المناسبة للمستقبل، والملبية لاحتياجات المجتمع بغالبيته الشابة. وتلك المشاركة مقترنةٌ بنسب توعية المؤسسات للشباب بحقوقهم، وتمكينهم من المعرفة والأليات اللازمة للمشاركة في الحياة السياسية.
غياب مشاركة الشباب
في حين تتحدث الإحصائيات عن أن الشباب يشكلون في غالبية البلدان 50% من السكان، وتتجاوز نسبتهم 60% في بعضها الأخر. إلا أننا نجد أن مشاركتهم في صنع القرار متدنيةٌ جداً. ما يجعلنا نفكر بشكلٍ جديٍّ بضرورة بناء مجتمعٍ واعٍ لأهمية مشاركة الشباب الفاعلة، ما يصون حقوقهم ويستثمر إمكاناتهم. الأمر الذي يضمن تأثيرهم في التغيير السلمي والإصلاح، حيث يكون الشباب أحد أهم الفواعل الرئيسيين في الأحداث السياسية والثقافية والاقتصادية.
ورغم أن الشباب يمثلون غالبيةً في المجتمعات في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن ما لا يقل عن 80% من هؤلاء الشباب غير منتمين لأي حزبٍ أو جماعةٍ سياسية، ولا يمارسون السياسة الحزبية أو العمل في الشأن العام. رغم وجود وعيٍ سياسيٍّ عامٍ برز في النصف الأول من القرن العشرين. ما يطرح سؤالاً مهماً في مسار تطور مجتمعات ودول المنطقة، وهو لماذا تبقى هذه الفئة بما تشكله من حامل رئيسي للمستقبل، مستبعَدةً عن مسرح الأحداث وديناميات العمل العام؟؟
الشباب والأمم المتحدة
يقف الشباب في الخطوط الأمامية للنضال من أجل بناء مستقبلٍ أفضل للجميع. وقد سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على الحاجة الماسة إلى تحقيق ما يسعى إليه الشباب من تغيير مفضٍ إلى التحوّل، ويجب أن يكون الشباب شركاء كاملين في هذه الجهود. “الأمين العام أنطونيو غوتيريش”.
يتم الاحتفال بيوم الشباب الدولي سنوياً في 12 آب/أغسطس، لتركيز اهتمام المجتمع الدولي بقضايا الشباب والاحتفاء بإمكانياتهم بوصفهم شركاء في المجتمع العالمي المعاصر. وقد اقترح فكرة يوم الشباب الدولي مجموعة من الشباب اجتمعوا في عام 1991 بالعاصمة النمساوية فيينا للدورة الأولى لمنتدى الشباب العالمي. حيث أوصى ذلك المنتدى بإعلان يومٍ دوليٍّ للشباب لجمع تمويلٍ يدعم صندوق الأمم المتحدة للشباب بالشراكة مع المنظمات الشبابية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد وافقت في عام 1999 على اقتراح المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب -الذي عقد في العاصمة البرتغالية لشبونة في المدة من 8 إلى 12 أغسطس 1998- فيما يخص تعيين يوم 12 أغسطس بوصفه اليوم الدولي للشباب. ويتيح هذا اليوم فرصةً للاحتفال بأصوات الشباب، وأعمالهم ومبادراتهم وتعميم مشاركاتهم الهادفة. ويتخذ الاحتفال صورة مناقشة على غرار البث الصوتي على الإنترنت (بودكاست) من الشباب وإليهم. كما يتضمن فعالياتٍ تذكاريةً بشكلٍ مستقلٍ في جميع أنحاء العالم، للتوعية بأهمية مشاركة الشباب في الحياة والعمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة عند إعلانها اليوم الدولي العام للشباب عام 1985، أربعة أبعاد أساسية لمشاركة الشباب، وهي: المشاركة الاقتصادية المتمثلة في فرصة عمل، المشاركة السياسية في صنع القرار والسلطة، والمشاركة المجتمعية والتطوع بهدف خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والمشاركة الثقافية.
المشاركة السياسية
تعرف المشاركة السياسية بأنها: تلك العملية التي من خلالها يلعب الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه. وتكون لديه الفرصة لأن يشارك في وضع الأهداف العامة لذلك المجتمع، وكذلك أفضل الوسائل لتحقيق وإنجاز الأهداف.
ويعرفها الكاتب حسن الشامي (في مقال له بعنوان أهمية المشاركة السياسية ودورها في المجتمع) بأنها: تلك الأنشطة الإرادية التي يقوم بها المواطنون بهدف التأثير بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر في عملية اختيار الحكام، أو التأثير في القرارات أو السياسات التي يتخذونها. كما قد تعني المشاركة السياسية العمليةَ التي يلعب الفرد من خلالها دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه. وتكون لديه الفرصة لأن يسهم في مناقشة الأهداف العامة لذلك المجتمع، وتحديد أفضل الوسائل لإنجازها. وقد تتم هذه المشاركة من خلال أنشطةٍ سياسيةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة.
مراحل المشاركة السياسية
تتدرج مراحل المشاركة السياسية، بدأً من عملية الاهتمام السياسي، وهو مستوى الحد الأدنى من الاهتمام أو متابعة الاهتمام بالشأن العام. وعلى فتراتٍ زمنيةٍ قد تكون متقطعةً أو مرحليةً، بالإضافة إلى متابعة الأحداث السياسية. حيث يميل بعض الأفراد إلى الاشتراك في المناقشات السياسية مع أفراد عائلاتهم، أو بين زملائهم في العمل، وتزداد وقت الأزمات أو أثناء الحملات الانتخابية.
وتأتي المعرفة السياسية لتشكل المستوى الثاني، حيث يمتلك الأفراد معلوماتٍ أكثر عن المجتمع السياسي على المستوى المحلى، أو الوطني. مثل معرفة أعضاء الحكومة والمجلس المحلي وأعضاء المجلس التشريعي.
أما المستوى الثالث فيكون عبر المشاركة الفاعلة، وهنا يكون المواطنون والمواطنات منخرطين بالأنشطة السياسية والمدنية، على مختلف أشكالها. وتظهر هذه المشاركة بشكلٍ جليٍّ في العمليات الانتخابية، والحشد والمناصرة على القضايا والسياسات العامة لتلبية مصالح المجتمع.
اقرأ أيضاً: دليل الشباب والسلام والأمن – كتيب إعداد البرامج
فريق التحرير