السويداء… من الاستعصاء إلى الفرص المهدورة

يثير حراك السويداء الاحتجاجي الأخير، والذي بدأ في آب 2023 وما زال مستمراً إلى حين إعداد هذه الورقة، النقاش حول سردية الأزمة السورية التي تفجرت قبل نحو 13 عاماً، وما تخللته من محطات عديدة.
السويداء... من الاستعصاء إلى الفرص المهدورة

قراءة تحليلية لواقع السويداء

يثير حراك السويداء الاحتجاجي الأخير، والذي بدأ في آب 2023 وما زال مستمراً إلى حين إعداد هذه الورقة، النقاش حول سردية الأزمة السورية التي تفجرت قبل نحو 13 عاماً، وما تخللته من محطات عديدة. منتقلةً سريعاً من مظاهراتٍ احتجاجيةٍ للمطالبة بالتغيير والحرية، لتصل خلال بضعة أشهر لطرح شعار “إسقاط النظام”. وتنزلق بعدها إلى التطييف والعسكرة وجذب التدخل الخارجي، ما دوّل القضية السورية، وسلب السوريين حرية الفعل. لتقارب الحدث السوري في ظل تعدد توصيفاته مع ما جاءت به العلوم السياسية من تعاريف للثورة، وبعض تجارب الثورات في العالم.

حراك السويداء

تنتقل الورقة إلى استعراض تطور السياق في السويداء منذ عام 2011، وبعض أهم محددات العلاقة بينها وبين السلطة. ما حول محافظة يرى غالبية سكانها أن الحياد الإيجابي هو منهج خلاص من المقتلة السورية، إلى مجتمعٍ يشعر غالبيته بالغضب والسخط ويبحث عن الخلاص. في ظل شرخٍ عميقٍ بينه وبين السلطة التي تمت شيطنتها بتعميمٍ غير مسبوق.

وتصور الورقة مشهد الانفجار الأخير في السويداء في آب الماضي، والذي شكل رفع الحكومة المركزية الدعم عن المحرقات الصاعقَ الرئيسي له. مبينةً كيف توسعت دوائر ارتداد ذلك الانفجار، وتبنيه شعاراتٍ سياسية سبق إنتاجها عام 2011. إضافةً إلى المطالبة بتطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 2254، الذي تمت كتابته وإقراره بتوافق روسي أميركي، وبغياب جميع السوريين، وتم تعطيله من قبل ذات الأطراف. إضافةً إلى دور دخول رجال الدين على الحدث وخاصة شيخ العقل حكمت الهجري. والمجموعات ذات الخلفيات العسكرية في زيادة زخم الاحتجاجات على قاعدة عصبوية.

سيناريوهات الحل

وتستخلص الورقة من السياق العام و أوراق ذات صلة منها “بوابة الحل الجنوبية..سيناريوهات ومآلات الاحتجاجات في السويداء” خمسة سيناريوهات، تتراوح بين تمدد الاحتجاجات إلى المناطق السورية، وما يواجهه من معيقات داخلية وخارجية. إلى طرح سيناريو الصدام، واستعراض مغذيات العنف لدى مختلف الأطراف، وسياسة اللامبالاة التي انتهجتها السلطة وأهدافها منها. مبينةً خطورة مثل هذا السيناريو، وخاصة الرهان على موقف أهالي السويداء التاريخي من الصدام مع السلطات مع تغير الظروف الموضوعية. وجاء السيناريو الثالث بعنوان “العجز والاستعصاء” ومقاربته من “الإدارة الذاتية”.

وكان الستاتيكو، سيناريوها الرابع، حيث وصل المحتجون إلى سقف الطرح السياسي، دون وجود قيادة مدنية تستطيع وضع خيارات تصعيدية أخرى. ما يجعل المحافظة على ما وصلوا له نجاحاً، في حين يرى الأخرون أنه فشل. مبينةً حالة الانقسام الداخلي، وتجارب السلطة السابقة مع السويداء، في حين يستبعد تصدع القاعدة المجتمعية أو الذهاب لتلبية مصالح خارجية.

وحول فرص الحل، فقد طرحها السيناريو الخامس، معتمداً على السياق المحلي ومصالح الأطراف الفاعلة. في محاولةٍ لبحث حظوظ الشعارات الشعبوية التي طرحها المحتجون، وفرص تطبيق الحلول التي حملتها القرارات الدولية وعلى رأسها القرار الأممي 2254، في ظل الاستعصاء الدولي نتيجة عدم تلمس توافق دولي في المدى المنظور.

من الحل المحلي إلى الحل الشامل

انطلقت الورقة من خلاصات السيناريوهات السابقة، مستندةً إلى الظروف الموضوعية، والقوى الفاعلة والديناميات المجتمعية والسياسية والمدنية، لمقاربة سيناريو الحل. عبر مسارٍ يطرح قضايا رئيسية تشكل _حسب قراءة السياق_ أبرز أسباب الاحتقان المجتمعي. لتشمل إعادة ترسيم محددات دور حزب البعث في المجتمع والدولة. والدور الوظيفي للجهات الأمنية وربطها بالقضاء على أساس سيادة القانون وصون الحريات. وما تشكله الإدارة المحلية من فرص لترسيخ ممارسة الديمقراطية والتنمية، وإطلاق الحريات السياسية والمدنية كحق مصان ينهي الاستعصاء السياسي الحالي. وذلك عبر مبادرةٍ سياسيةٍ على المستوى الوطني، تعزز وتدعم تحويل احتجاجات السويداء من خطر إلى فرصة، من خلال تلاقحها مع مختلف السياقات السورية المحلية. ما يفضي إلى بناء نموذجٍ ناجحٍ، يحمل مقومات تعميمه على مختلف المناطق السورية. نموذجٍ يستند إلى التشاركية واللامركزية ودور المجتمع المدني والمصالحة الوطنية الحقيقية، معتمداً على الفاعل السوري بعيداً عن أدوار القوى الخارجية.

لتنزيل المادة اضغط/ي هنا