يعتبر قانون الأحوال الشخصية السوري هو القانون العام بما يتعلق بالأحوال الشخصية للسوريين (الخطبة و الزواج والطلاق والولاية والوصاية والحضانة وغيرها). وهو يطبق على الجميع إلا ما تم استثناؤه بنصوص أو قوانين خاصة، مثل أحكام المادة /307/ أو القوانين الخاصة بالطوائف غير الإسلامية.
التمييز في قانون الأحوال الشخصية
بالعموم يؤخذ على قانون الأحوال الشخصية السوري إجحافه بحقوق النساء، خاصةً بما يتعلق بعدم التوازن في الحقوق بين الزوجين، والناشئة عن عقد الزواج. حيث يتم الاتفاق عادة على تسمية معجل المهر ومؤجله فقط، وما عدا ذلك يخضع للأحكام العامة في قانون الأحوال الشخصية.
ويظهر الخلل في الحقوق بين الزوجين عند إنهاء الحياة الزوجية بينهما، سواء عن طريق الطلاق أو المخالعة أو التفريق. إذ يتم طرد الزوجة المطلقة من المنزل الذي كان يضم الأسرة. وفي الأعم الأغلب من الحالات تكون بصحبة أطفالها سواء كانوا صغاراً أو كباراً. ويبقى الزوج منفرداً في المنزل مستأثراً بأثاثه كاملاً. وبالرغم من أنه تجب على الأب نفقة أطفاله قانوناً، فهذه النفقة لا تكفي للصرف على الأولاد طعاماً وشراباً وكساءً وطبابةً ونفقات مدارس. فما بالك بتجهيز منزلٍ جديدٍ تتوفر فيه الأساسيات على الأقل، كالغسالة والبراد والفرش وأدوات المطبخ…
وإذا كانت الزوجة من أصحاب الحظ الجيد فهي قد تجد غرفةً في منزل ذويها تأويها مع أطفالها، وغالباً ما يكون هذا الحل مؤقتاً إن وجد. وبعد ذلك ستعيش حالةً من شبه التشرد، ثم ستضطر إلى طلب المساعدة الخيرية من المجتمع لتغطي جزءاً من نفقاتها. وهذا ما ينعكس سلباً على حياة الأطفال، ويفقدهم الاستقرار. وقد يدفع بهم إلى طلب العمل مبكراً، أو الانحراف. فغالباً ما يتعامل برد فعل مبرراً لنفسه تخليه عن مسؤولياته تجاه أبنائه، ولكن بالنتيجة وبكثير من الحالات فإن الأم والأطفال هم من يدفع الثمن.
شروط خاصة في عقد الزواج
لقد أتاحت المادة /14/ من قانون الأحوال الشخصية السوري حلاً جزئياً لإيجاد حالة من التوازن النسبي بين حقوق الزوجين، من خلال إفساح المجال للزوجين للاتفاق على الشروط الخاصة في عقد الزواج، حيث نصت هذه المادة على ما يلي :
1- لكل من الزوج أو الزوجة أن يقيد عقد الزواج بشروطه الخاصة التي لا تخالف الشرع و القانون.
2- إذا قيد العقد بشرط ينافي نظامه الشرعي أو مقاصده فالشرط باطل والعقد صحيح.
3- لا يعتد بأي شرط إلا إذا نص عليه صراحة في عقد الزواج.
4- للمتضرر من الزوجين عند الإخلال بالشروط الصحيحة حق طلب فسخ العقد.
تطبيق المادة 14 من القانون
إن اهتمام الخاطبين المقدمين على الزواج بالفرصة التي أتاحتها أحكام المادة الرابعة عشرة من قانون الأحوال الشخصية المذكورة أعلاه للاتفاق على بعض الشروط التي تحقق التوازن النسبي في الحقوق بينهما. هذا التوازن الذي يشكل ركناً أساسياً في الاستقرار النفسي للزوجة وصحة العلاقة الزوجية وصمام الأمان للأسرة مستقبلاً، وذلك من حيث الاتفاق على الشروط الخاصة التي تتضمن مثلاً أنه في حالة الطلاق يبقى منزل الزوجية سواء كان ملكاً أو مستأجرا بما فيه من أثاث بحيازة الزوج أو الزوجة الذي سيحضن الأولاد ويخرج الطرف الآخر إلى منزل آخر. هذا شرط يشكل حالةً من الاستقرار للأطفال تحميهم من التشرد مثلاً.
وقد يتفق الزوجان على أن للزوجة الحق بتطليق نفسها بإرادة منفردة مثلما يملك الزوج هذا الحق، وقد يتفقان أيضاً على أن الزوج يتنازل عن حقه في الزواج بزوجة ثانية. كما يمكن أن يتفقا على تقسيم أموالهم الثابتة والمنقولة مناصفة في حال الطلاق. وبكل حال فإن الشروط الخاصة أتاحت المجال للاتفاق على كل ما يرغب الزوجان الاتفاق عليه، ما دام لا يخالف القانون و لا يخالف القصد من الزواج، وهو إنشاء الحياة المشتركة والنسل، كما جاء تعريفه في المادة /1/ من قانون الأحوال الشخصية السوري، وبالتالي فلا يستطيع الزوجان الاتفاق مثلاً على عدم الإنجاب، لأن هذا الشرط باطل والعقد يبقى صحيحاً. كما لا يحق لهما الاتفاق على توقيت الزواج بمدة زمنية معينة.
وبكل الأحوال فإننا نرى ضرورة الاهتمام بما قدمته أحكام المادة /14/ السابقة، من فرصة مهمة لإيجاد نوع من التوازن في الحقوق بين الزوجين عند توثيق عقد الزواج بدايةً. بحيث يكون قد تم مناقشة ما يرغب الزوجان بالاتفاق عليه من الشروط إكراماً لبعضهما بعضاً، ولتكون الحياة الزوجية أكثر استقراراً بما يشكل أساساً متيناً لتنشئة صالحة للأطفال ولحياة سعيدة بين الزوجين.
المحامي عادل الهادي